Liturgical news

رسالة غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث بمناسبة سنة الرحمة الإلهيَّة

١٥ ١٢ ٢٠١٥
news-image
 
 
بروتوكول 610/2015 د                                                      دمشق في 28/11/2015
 
رسالة غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث
بمناسبة سنة الرحمة الإلهيَّة
 
حضرات الإخوة الأحبَّاء
أصحاب السيادة أعضاء السينودس المقدَّس الموقَّرين
الرؤساءالعامينالجزيلي الاحترام
الرئيسات العامات المحترمات
 
تحيَّة قلبيَّة مع المحبَّة والبركة والدعاء،
 
أصدر قداسة البابا فرنسيس رسالة بعنوان: "وجه الرحمة"، كمدخل إلى اليوبيل الغير الاعتيادي للرحمة الإلهيَّة، بحيث يفتتح اليوبيل في الثامن من كانون الأول 2015، ويختتم يوم الأحد 20 تشرين الثاني 2016، وهو عيد يسوع الملك في الطقس اللاتيني.
وبهذه المناسبة يُقام احتفالٌبافتتاحِ الباب المقدَّس، باب الرحمة في كلّ أبرشيَّة. وسيفتتح البابا الباب المقدَّس في روما، في ذكرى الخمسين سنة لانعقاد المجمع الفاتيكاني الثاني، الذي كان افتتاحَ عهدٍ جديد في تاريخ الكنيسة الجامعة. ولابدَّ وأن تبقى هذه الذكرى حيَّة في الكنيسة.
هكذا يربط قداسة البابا الاحتفال بفتح باب الرحمة، بانفتاحة الكنيسة على العالم من خلال وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني الذي أعلنه البابا "الطيوب" القدّيس يوحنا بولس الثالث والعشرون.
وهنا نحبّ أن نذكِّر بدور كنيستنا الروميَّة الملكيَّة الكاثوليكيَّة في هذا المجمع، ولاسيَّما من خلال بطل المجمع المثلَّث الرحمة سلفنا البطريرك مكسيموس الرابع الصائغ. وقد كان لكنيستنا الفضل في أكثر من وثيقة وأكثر من توّجه، ظهرت ثمارها في وثائق المجمع. وذلك في الحقل الليترجي والحوار مع الإسلام، والكنسيات والتواصل مع العالم...
"كونوا رحماء لأنَّ أباكم السماوي رحيم"(لوقا 36:6). هذا هو المدخل إلى هذه السنة اليوبيليَّة.
في طقسنا الكلام كثير عن الباب. مريم هي الباب الذي دخل منه الكلمة إلى العالم. ونضرع إليها قائلين: "افتحي لنا باب التحنُّن يا والدة الإله المباركة". ولدينا الأبواب المقدَّسة، والباب الملكي. ونصلِّي صلاة الدخول بالإنجيل المقدَّس ونقول فيها: إجعل مع دخولنا دخول ملائكة قدّيسين يشاركوننا في الخدمة وفي تمجيد صلاحك". وعندما ندخل الهيكل نقول: "أدخل إلى هيكلك". وفي ختام الليترجيا نصلِّي: "لنخرج بسلام".
أما عبارة الرحمة فحدِّث عنها ولا حرج. عبارة وكلمة الرحمة هي الأكثر استعمالاً في كلّ الطقوس الشرقيَّة والغربيَّة نردِّدها مرارًا وتكرارًا في صلواتنا.
إنَّ عبارة الرحمة "كيرياليسون – يا ربّ ارحم" تجمع بين كلّ الطوائف المسيحيَّة شرقيَّة وغربيَّة، فهي في صيغتها اليونانيَّة مستعملة حتى اليوم في كلّ الطقوس.
وهل ننسى صلاة يسوع الخشوعيَّة: يا يسوع يا ابن الله الحيّ ارحمني أنا الخاطئ!
الرحمة تربطنا بالعهد القديم وباليهود ومن خلال المزامير لاسيَّما المزمور 50
عالمنا يحتاج إلى الرحمة الإلهيَّة. وهذا ما يدعونا إليه معلّمنا وإلهنا ومخلّصنا وسيدنا يسوع المسيح قائلاً: "طوبى للرحماء فإنَّهم يرحمون" (متى 7:5). "وكونوا رحماء كما أنَّ أباكم السماوي رحيم" (لوقا 36:6). ويقول للعبد القاسي القلب: "لقد رحمتك! أما كان عليك أن ترحم أخاك" (متى 33:18) وبولس يحرّضنا قائلاً: "إلبسوا أحشاء الرحمة!" (كولوسي 12:3). وسنُدان ُعلى الرحمة وعلى أعمال الرحمة. الرحمة الجسديّة (وهي سبعة) والروحيَّة (وهي أيضًا سبعة). كما أنَّ التطويبات الإنجيليَّة هي دستور أعمال الرحمة! (متى 31:25-46).
رسالة قداسة البابا فرنسيس جميلة وفيها أمور عمليَّة في سنة يوبيل الرحمة. ويمكن أن تكون موضوع لقاءَات وحلقات ودورات للكهنة وللمؤمنين، لاسيَّما من خلال النشاطات الرعويَّة المتوفِّرة في رعايانا، منها:
1-  الزيارات والحجّ إلى المزارات الشعبيَّة بروح التوبة والرغبة في إصلاح السيرة.
2-  ممارسة أعمال الرحمة الروحيَّة والجسديَّة
3-الاحتفال برتبة توبة جماعيَّة. وقد وضعنا لهذا الغرض صلاة ابتهاليَّة إلى الرحمة الإلهيَّة، كنموذج للاحتفال برتبة التوبة. ولأجل استعمالها على مدار سنة اليوبيل.
4-  الدعوة إلى ممارسة سرّ التوبة والاعتراف، ودعوة كهنة الرعايا ليحضِّروا المؤمنين لممارسة سرّ التوبة، ويضعوا برنامج تواجد الكاهن في كرسي الاعتراف، خارج القدّاس الإلهي والصلوات، وأثناءَها...
5-وسيعطي قداسته سلطات غير اعتياديَّة للحلّ من الخطايا الجسيمة المحفوظة للسلطة الكنسيَّة العليا، وذلك للكهنة الذين دعاهم قداسته وأطلق عليهم "رسل الرحمة". ويمكنهم أن يتجوَّلوا في الأبرشيَّات والرعايا.
6-ودعا قداسته إلى القيام "بإرساليات شعبيَّة" لمدَّة أسبوع في كلّ رعيَّة. بحيث يوضع برنامج خاصّ من الرياضات والمحاضرات والصلوات ورتبة توبة جماعيَّة، تحرِّض على التوبة والعودة إلى الله وإلى القيم الإنجيليَّة المقدَّسة.
7-ويدعونا قداسة البابا إلى تكثيف الحوار مع اليهود والمسلمين حول موضوع الرحمة. ولذا أرى من المفيد أن تُعقد اجتماعات على مستويات مختلفة لإبراز الرحمة الإلهيَّة والرحمة الإنسانيَّة، في اليهوديَّة والمسيحيَّة والإسلام. وتكون مناسبة لضمِّ الجهود لأجل ممارسة الرحمة والتضامن في هذه الظروف المأساويَّة. وهكذا نضاعف جهودنا المشتركة لأجل تخفيف معاناة الناس في بلادنا المعذَّبة. ولأجل محاربة العنف والإرهاب الذي يدمِّر الحجر والبشر!
أيُّها الأحبَّاء!
أختم رسالتي كما ختمها قداسة البابا داعيًا إيانا إن أن نتوجَّه إلى أمّنا مريم العذراء كنز الرحمة والمعونة، وإلى شفيعة المؤمنين! فهي التي أنشدت لدى زيارتها إلى أليصابات قائلة: "ورحمته (تعالى) إلى جيل وجيل!"، وهي "مفتاح أبواب الفردوس" (مدائح بيت 7). وهي التي "أظهرت المسيح الربّ المحبّ البشر" (مدائح بيت 9). وهي "الحقلة المنبتة وفرة الرأفات" (المدائح بيت 15).  وهي "باب السرّ الجليل" (مدائح بيت 15). وهي "مفتاح ملكوت المسيح" (مدائح بيت 15). ولنطلب شفاعة القدّيسين الذين مارسوا الرحمة في حياتهم كلّها.
يقول لنا يسوع في سفر الرؤيا: "ها أنذا واقف على الباب أقرع. فإن سمع أحدٌ صوتي وفتح الباب، أدخل إليه، وأتعشَّى معه، وهو معي" (لوقا 20:3). أمنيتي في ختام هذه الرسالة وفي عام الرحمة الإلهيَّة وبمناسبة افتتاح باب الرحمة، أن نفتح قلبنا، ونجيب كلّ واحد منا في خلوة قلبه، وبشهقةِ حبٍّ عظيمٍ قائلاً: "آمين! تعالَ أيُّها الربّ يسوع" (رؤية 20:22)
          نعمة ربنا يسوع المسيح مع الجميع. آمين (رؤية 21:22)
 
 
مع محبَّتي وبَرَكَتي
+ غريغوريوس الثَّالث
 
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندريَّة وأورشليم
للرُّوم الملكيِّين الكاثوليك