صاحب الغبطة يوسف

لحام رعى الندوة الثانية لمنتدى مركز الحوار

٤ ٥ ٢٠١٢




 

الوكالة الوطنيّة للإعلام


لحام رعى الندوة الثانية لمنتدى مركز الحوار:
المسيحيون ليسوا اقليات خائفة ويرفضون الانطواء


وطنية - المتن - 5/5/2012 عقدت بعد ظهر أمس الندوة الثانية لمنتدى "المركز العالمي للحوار - لقاء" من الربوة، بعنوان "مستقبل الانسان العربي بين واقع الثورات ومرتجى الدولة المدنية"، برعاية البطريرك غريغوريوس الثالث لحام وحضوره، تحدث فيها النائب علي فياض، البروفسور رضوان السيد ونائب رئيس حزب الكتائب سجعان القزي. وأدار الندوة الدكتور زياد الصايغ.

حضر الندوة شاكر عون ممثلا الرئيس أمين الجميل، الدكتور داود الصايغ ممثلا الرئيس سعد الحريري، النواب: نهاد المشنوق، انطوان خاطر، علي عسيران، ناجي غاريوس،الاب ايلي خوري ممثلا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، الدكتور هاني صافي ممثلا الدكتور سمير جعجع، الدكتور انطوان حداد امين سر حركة "التجدد الديموقراطي"، ملكار خوري ممثلا النائب سامي الجميل، مارون مارون ممثلا النائب ستريدا جعجع، الدكتور وليد يونس ممثلا الامين العام لتيار "المستقبل" احمد الحريري، السفير خليل مكاوي، بسام يحيى ممثلا المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، بالاضافة الى ممثلي الهيئات الديبلوماسية والقيادات العسكرية والامنية، رجال دين وناشطون في المجتمع المدني.

بعد النشيد الوطني، رحب مدير مركز "لقاء" الاب كابي هاشم بالمشاركين والحضور، ثم تلا نصا من الانجيل المقدس.

واشار الى ان السؤال الاخطر الذي يجول في افكار الكثيرين منا ومن أقراننا في الشعب اللبناني يدور حول "مستقبل المنطقة، وما سيؤول اليه فيه مصير الناس".
وقال:" اذ لا بد لهذه الاحداث بكل ما تنطوي عليه من طياتها من ترقبات لغد أفضل، او تخوف من شر أظلم، ان تفضي في يوم من الايام الى مجال لإعادة النظر في الانظمة والشرائع التي تحكم بلدان هذه المنطقة، علينا منذ الآن، ان نتفكر وان نستشف وان نلتقي ونتحاور، واضعين نصب أعيننا خير الانسان العربي".

كلمة تقديم من الدكتورالصايغ اعتبر فيها بانه "لا يمكن ان يكون الرجائيون، مسيحيين ومسلمين في هذا الربيع العربي دعاة خوف او تخويف، بل هم منحازون لقيم المواطنة والحرية والديموقراطية وحقوق الانسان".

فياض

ثم تحدث النائب فياض فقال :" لا يصح اختزال المسألة العربية المعاصرة بالمسألة الديموقراطية على أهميتها، كما لا يجوز التهاون بالاهمية الحاسمة للارادة الشعبية"، محذرا من "اعتماد مقولة الديموقراطية لمرة واحدة، اي اعتماد الديموقراطية ثم الانقلاب عليها".

واعتبر ان خصوصية الواقع العربي وطبيعة التحديات والمخاطر تستدعي في الفكر السياسي العربي المعاصر، "دمج المسألة الديموقراطية ومسألة المقاومة والممانعة في إطار رؤية واحدة دون تفريط بأي منهما". ودعا الى "بناء "ديموقراطيات مقاتلة" او ديموقراطيات سيادية" تستند الى إرادات الناس وخياراتها ولا تتجاوز مبدأ تداول السلطة، وفي الوقت ذاته تنهض بواجبات التصدي والمواجهة مع الكيان الاسرائيلي ومشاريع الهيمنة الاميركية والغربية".

ورأى "ان تسعى بعض الاتجاهات التهميش المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي سيكون له عواقب وخيمة وارتدادات سلبية على مجمل مشروع التغيير في العالم العربيط.

أضاف:" ان شروطا جوهرية يجب ان يمتلكها اي حراك شعبي كي لا يدخل في تعقيدات او التباسات تجعل من شرعيته موضع شك وتحوله الى موضع نزاعي ملتبس ومعقد وتدخله في متاهات من الصعب معها ان يحقق أهدافه".

ثم عدد الشروط الآتية: "ضرورة ان يعبر الحراك عن إرادة الاغلبية العظمى في المجتمع وان ينطوي على تمثيل مكونات المجتمع كافة، الا تحول تكتيكاته المرحلية او بعض التعقيدات الظرفية من ان يكون موقفه الفعلي الى جانب القضايا القومية الكبرى في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وتأييد حركات المقاومة ورفض المشاريع الاميركية، ان يحافظ على المكونات المجتمعية كافة الدينية والطائفية والاتنية، فلا ينزلق الى الصراعات والا يرتهن لمشروعات التدخل الخارجي تحت اي ذريعة".

ورأى فياض "ان وحدة مجتمعاتنا والحاجة الى استقرارها تستدعي في زمن التحولات خاصة، تغليب المقاربات التوحيدية الجامعة على المقاربات التقسيمية مهما تكن طبيعتها الايديولوجية او الطائفية او الدينية، ويستوجب ذلك تقديم تصورات مرنة ورشيدة لبناء الدولة وتركيبة النظام السياسي بحيث يشعر جميع المواطنين ان الدولة دولتهم وتمثلهم جميعا".

وشدد على ان "ليس من مصلحة احد ولادة "مسألة أقليات" جديدة في العالم العربي، كما انه ليس من مصلحة مشروع التغيير في العالم العربي ان تجد الاتجاهات الفكرية والسياسية غير الاسلامية نفسها مقصاة ومهمشة خارج عوائد التحولات العربية".

وختم" مشيرا الى ان موضوع الاقليات لا يعالج بمنطق الاكثرية والاقلية، بل بمنطق الحقوق والوحدة الوطنية والحرص على صيغ حكم تمثيلية جامعة هذا ما يجب ان تعيه الاكثريات. في حين ان على الاقليات ان تحاذر بدورها خطرين كبيرين يشكلان منزلقا تاريخيا لا تحمد عقباه وهما:تحالف الاقليات، والاستعانة بالحماية الخارجية او الرهان على مشروعات غربية خارجية".

القزي

وقال سجعان القزي:" ان من لم يخف الشتاء العربي في ما مضى لن يخاف الربيع العربي اليوم، ومن قاوم عسكريا الانظمة العربية، لا سيما النظام السوري، لن يعارض عمليات الثورات العربية، وبخاصة الثورة السورية".

أضاف:" أيدت الثورات العربية في الساحات وأنكرتها في القصور، أيدتها في وجه الشباب والشابات ورفضتها في الحكام الجدد. أيدتها في مطلب المساواة ورفضتها في التمييز العنصري. أيدتها في وثائق شيخ الازهر وتيار المستقبل وحزب الكتائب ورفضتها في شرائع الاخوان المسلمين والسلفيين والجهاديين، أيدتها في الديموقراطية هي الحل ورفضتها في الاسلام هو الحل".

وتابع:" خلافا لما يظن البعض، ما يجري اليوم ليس الربيع الاول لكي نمهله قبل ان نحكم عليه، عرف العالم العربي في المئة سنة الماضية، أكثر من ربيع من المحيط الى الخليج مرورا بهذه الارض الآرامية - الكنعانية - الفينيقية، منذ سقوط السلطنة العثمانية، مطلع القرن العشرين، أطلت علينا فصول ربيعية عدة فحجبناها وحجبناها وأجهضناها، نحن مجازون بالتغيب عن مواعيد التاريخ".
واذ أشار الى ان مسيحيي الشرق صنعوا بعضا من هذه الربيعات، وشاركوا في بعضها الآخر، ولم يجهضوا اي ربيع، اعتبر ان "ما قصف الربيعات السابقة هو نفسه يهدد الربيع العربي الجديد، انه النظام العربي الام، فعبثا نحاول إسقاط الانظمة العربية القائمة، وكلها ساقطة، ما لم يتغير النظام الام، الانظمة البديلة هي فروع جديدة تلتحق بمنظومة النظام الام لانها تنحدر من ذات المرجعيةالفكرية والتشريعية والدينية. ما لم يتغير العقل العربي لن يتغير النظام العربي.

أضاف القزي:" انا أخاف الفشل العربي المزمن وليس الربيع العربي العابر، وانعكاس الفشل العربي لا يقتصر على المسيحيين فقط، بل يشمل المسلمين الباحثين عن اسلام الرسالة لا اسلام الخلافة".

ورأى انه" لكي تستحق الثورات العربية لقب "الربيع العربي"، يتحتم ان يرافقها "ربيع اسلامي" إصلاحي يحافظ على علاقة الدين بالمواطن، ويفك الخطوبة التي عقدتها "الخلافة" بين الدين والدولة في الاسلام".

وقال:" نحن المسيحيون نقولها بصراحة، نحتاج الى تجربة اسلامية دامغة تثبت نهاية زمن الفتوحات والدولة الاسلامية لكي نؤمن حقيقة بان الاسلام شريك لا حاكم". وشدد على ان دور مسيحيي الشرق في تقرير مصير العالم العربي "لا يفرض عليهم بالضرورة ان يكونوا فريقا في الصراع وان كانوا طليعيين في خيار الحرية".

وختم:" كان بودنا كلبنانيين ان نقدم تجربة لبنان نموذجا للثورات العربية والانظمة الجديدة، لكن الانظمة العربية خصوصا النظام السوري لم يترك لنا شيئا نقدمه. واليوم، عوض ان نستفيد من انشغال الجلادين بأنفسهم لننقذ الضحية اللبنانية، ننوب عنهم ونجلد انفسنا بأنفسنا، فلا بد من ثورة لبنانية".

السيد

وقسم رضوان السيد مداخلته الى ثلاثة أقسام: الثورات العربية في انطلاقها وشعاراتها ووقائعها ومآلاتها، والتحديات التي تواجهها، وكيف يمكن التأثير من جانب النخب الثقافية والسياسية في تحقيق مرتجى الدولة المدنية.

واعتبر لجهة الوقائع ان "الثورات انطلقت في مطلع العام 2011، وكان الزخم الجماهيري الذي قاده الشبان المدنيون في تونس ومصر والبحرين وليبيا واليمن وسوريا والمغرب. وكانت الشعارات متشابهة ولها اصداؤها في بلدان عربية اخرى، بل في العالم الاوسع وهي: السلمية والحرية والكرامة والعدالة والديموقراطية والتداول السلمي للسلطة. وقد خمد الحراك الاحتجاجي في المغرب في وقت مبكر لاستجابة الملك محمد السادس لمطالب الملكية الدستورية بينما أدى هذا الحراك في أربعة بلدان عربية حتى الآن الى تغيير انضمام وذهاب الرئيس والدخول في مرحلة انتقالية، وكان ذلك في تونس ومصر وليبيا واليمن، بينما ما تزال الاحداث مشتعلة في سوريا والى حد في البحرين".

وتطرق في القسم الثاني من المداخلة الى "التحديات التي تواجهها الثورات او حركات التغيير بشكل عام وهي تتمثل في ثلاثة امور:إقامة المجتمع السياسي الجديد من خلال الانتخابات الحرة، والحكومات المنتخبة، وفصل السلطات، وقيام ذلك كله على مبدأ المواطنة والمساواة".
اما التحدي الثاني فيتمثل في ظهور الاسلام السياسي وبروز التناقض بين هذا الاسلام المسيس والقوى التي تريد إقامة الدولة المدنية وحكم القانون، والتحدي الثالث، والبعض يرى فيه شرطا لا نتيجة، فهو استعادة الامن والاستقرار والانطلاق السريع للعمل التنموي وتحفيز الشباب للابداع والتأكيد على دور المرأة والتفاعل مع القوى الجديدة الصاعدة بشكل ايجابي".
وسأل السيد:ماذا تستطيع النخب ان تفعل؟
أضاف مجيبا: "لا تبدو النخب العربية ذات تأثير قوي حتى الآن، لكن أمامها مهمتين كبيرتين واستراتيجيتين:اولهما، العمل بقوة وتضامن على تنمية الثقافة الفردية، ثقافة المواطنة، ثانيهما، العمل على تصحيح العلائق بين الدين والدولة في وعي الجمهور وفي الممارسة السياسية والدينية".

وخلص الى ان "اللبنانيين نخبا ثقافية وسياسية يستطيعون تقديم نموذج ونصائح، وهم يستطيعون ايضا المتابعة والنقد والدعوة لتفكيك الانسدادات في نظامهم على وقع شعارات ووقائع حركات التغيير العربية، الرامية جميعا لإقامة أنظمة ديموقراطية تعددية لا غبن فيها ولا غلبة".

لحام

ورأى البطريرك لحام "ان الواقع الذي نعيشه في الثورات والحراك الشعبي في العالم العربي مؤلم بسبب تصاعد ثقافة التصادم من جراء تفشي حالات الانطواء بشتى أشكاله ومظاهره، الطائفية والعرقية والحزبية والقبلية، لا شك ان الضباب يلف الرؤية بشأن ما يحدث عندنا، يحتم علينا المبادرة لتصويب مسارات التاريخ".

أضاف:" نحن المسيحيين نرفض الانطواء لاننا ابناء الرجاء، ولسنا بأقليات خائفة، وذلك من منطلق قناعتنا اننا جسم واحد، واذا تألم فيه عضو تألمت معه سائر الاعضاء، واذا فرح عضو فرحت معه سائر الاعضاء. وقد جاء في الحديث الشريف:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد الواحد، اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وتابع:" لقد بنينا مع أخوتنا المسلمين النهضة العربية الاولى، لا بل كنا المكون الاساسي في قيام وتطور الحضارة في الدول المتعاقبة على مدى التاريخ. وكلنا قناعة باننا سنكمل المسيرة متمسكين بدورنا النبوي في هذا الشرق من خلال نهضة عربية جديدة فلا معنى لهذا المشرق العربي بدون مسيحييه، ولا ثبات لتعدديته وتنوعه المغني بدون مسلميه".

وقال: "هدف مبادرتنا خلق الفرصة للتأمل الهادىء، وشق مسالك الحوار بين المتنازعين على شرعيات الحكم ومقابض السلطة، حقنا للدماء على أمل التوصل الى طرح شرعة جديدة للانسان العربي الحديث بالاستناد الى الخبرات الطويلة من العيش معا بحيث تكون هذه عهدا بين جميع المواطنين بمختلف انتماءاتهم.

هذا اللقاء اليوم يدفع مشروع "شرعة الانسان العربي الحديث" الذي طالبنا به في رسائلنا وبياناتنا السابقة، الى الامام، ويوصله الى مجالات التنفيذ".

ثم عرض البطريرك لحام تصوره لهذه الشرعة انطلاقا من كرامة الانسان ووحدة الصف العربي.

وشدد على "العمل لإحلال السلام وحل الصراع العربي - الاسرائيلي، فلا يمكن للعالم العربي ان يحقق آمال الشعوب العربية وبخاصة آمال الشباب في الحرية والديموقراطية، اذا لم يعمل بجدية، وبالتعاون مع الغرب، على إحقاق السلام العادل والشامل والدائم في الارض المقدسة، في فلسطين".

وختم لحام "باقتراح إنشاء لجنة إنطلاقا من مركز "لقاء" على مستوى لبنان لوضع الشرعة التي تكلم عنها، او بالدعوة الى قمة مسيحية -اسلامية على مستوى العالم العربي للعمل على صياغة هذه الشرعة".